التجارة العربية Arab commerce
التجارة العربية :
هي
شبكة للتجارة البرية والبحرية التي تدار بواسطة التجار العرب أو الدول العربية،
تاريخها قديم ويرجع لفجر التاريخ المكتوب، تعرف بعض أجزاء شبكة التجارة القديمة
بـ"طريق البخور".
التجارة قبل الإسلام
العصور القديمة
يذكر نص شلجي ملك سومر وأكاد
(2029-1982 ق.م) وجود صناعة للسفن في مجان عمان اليوم، ويدل
عثور المنقبين على أختام ومواد أخرى من عمل الهند، في "أور" وفي "كيش"
و"البحرين" ومواضع أخرى من الساحل العربي الشرقي, على أن الاتصال التجاري
بالبحر كان معروفًا في الألف الثالثة قبل الميلاد، وأن حركة الاتصال هذه كانت
مستمرة عامرة، وأن بعض مواضع الخليج مثل "البحرين" كانت من مراسي السفن
الشهيرة في تلك الأيام، تقصدها السفن القادمة من العراق في طريقها إلى الهند،
والسفن القادمة من الهند في طريقها إلى العراق
العصور الوسطى
يقول المؤرخ الإغريقي
اجاثرخيدس الذي عاش في القرن الثاني قبل الميلاد:"انه لا يبدو ان ثمة شعباً
اغنى من السبئيين واهل جرهاء كانوا وكلاء عن كل
شيء يقع تحت اسم النقل بين آسيا وأوروبا, وهم الذين جعلوا سورية البطلمية غنية,
واتاحوا للتجار الفنيقيين تجارة رابحة, وآلافاً من اشياء أخرى"
ووصفهم بأنهم محاربون أشداء وملاحون مهرة يبحرون في سفن كبيرة إلى
مستعمراتهم ليأتوا بمنتجات لاتتوفر إلا هناك، كما
أن شبكة التجارة العربية متعاونة متكاملة فيما بينها، فنجد أن مملكة تدمر قامت ببناء حوض للسفن
في مملكة ميسان فكان هذا يتيح نقل
البضائع من مينائيها الآخرين على الفرات "دورا اوروبوس" وسورا (قرية الحمام
شرقي سد الثورة) وتُعرف بعض أسماء التدمريين الذين كانوا يملكون سفناً في الخليج
العربي والمحيط الهندي، وكان التجار الصينيون زاروا المنطقة بدورهم عام 97م وتحدثوا عن ميناء
ميسان،
وكان ميناء ميسان "خاراكس" الناشيء قويا بحيث حل فيما بعد محل الجرهاء
في تجارة العطور
وعلى الرغم من عدم إطلال مملكة الأنباط بشكل مباشر على
الخليج العربي إلا انها تمكنت للوصول له بالنقل البري أولا ثم التحميل على السفن،
فقد تم العثور على نبطية في موقع ثاج القريب من الخليج
العربي، وقد تم العثور على مصنوعاتهم لاسيما "البيض المصبوغ" على طول
الشاطيء الشرقي قرب البحرين، وموانيء اليمن وعمان، ومواقع أثرية مثل قرية الفاو على طريق البخور، كما
وجدت فخاريات نبطية في الهند، ونقوش نبطية متناثرة في مناطق البحر المتوسط مثل: تينوس، ورودوس، كوس، ديلوس وميليتوس في بحر إيجة وبوتسوولي وروما في إيطاليا. أما السبئيين فتاريخ
الإبحار والتجارة قديم عندهم فهناك وجود للسبئيين في أفريقيا منذ القديم حيث أسسوا
مملكة "دمط" في الحبشة في القرن الثامن قبل الميلاد، ويتحدث مؤلف
"الطواف حول البحر الإرتيري" الذي كتب في القرن الأول الميلادي أن العرب
كانوا حينها يسيطرون على ساحل "عزانا" وهو ساحل شرق أفريقيا مما يلي
الصومال، وذكرت الكتب المقدسة تجارة سبأ ففي القرآن الكريم [سبأ:18]:{وجعلنا
بينهم وبين القرى التي باركنا فيها قُرىً ظاهرةً وقدّرنا فيها السّير سيروا فيها
ليالي وأياماً آمنين}. وذكر في سفر حزقيل:"ددان تاجرتك بطنافس للركوب. 21
العرب وكل رؤساء قيدار هم تجار يدك... تجار سبأ ورعمة هم تجارك بافخر
كل انواع الطيب وبكل حجر كريم والذهب اقاموا اسواقك،
ويذكر الرحالة الصيني "فا-هيان" الذي زار سيلان عام 414م أن التجار السبئيين
والعرب من عمان وحضرموت يسكنون في بيوت فارهة في مستوطناتهم هناك، وذكر أنهم
يتاجرون بالعود. أما المناذرة فقد
كانت بلادهم تطل على الفرات في عدة مواضع وكانت السفن الصينية التي تبحر بالفرات
تمر قرب بيوت الحيرة، وفي
شمال بلاد المناذرة في الأنبار يقع "نهر عيسى" الذي يربط بين دجلة
والفرات، وللوصول
من الحيرة للخليج كانوا يركبون القوارب حتى يبلغوا مينائهم في الأبلة على الخليج
من هناك يركبون السفن الضخام فيطوفون بالبحار إلى الهند والصين من جهة الصين من
الشرق والبحرين وعدن من جهة الغرب.
بعد الإسلام
الفترة الأولى
وتمتد من تاريخ 640
حتى 1498 وهي عصر عافية التجارة العربية، وصلت شبكة التجارة العربية أطراف العالم
المعروف ببعضها فوصلوا بتجارتهم من المغرب غربا حتى شرق الصين غربا ومن روسيا
شمالا حتى أسفل قارة أفريقيا جنوبا. والفت كتب صينية تتحدث عن التجارة العربية مع الصين.
قصف البارجات
البريطانية لقصر حريم سلطان زنجبار 1896.
كانت العوامل
السياسية هي الأساس في تقلص شبكة التجارة العربية، فبعد سقوط غرناطة عام 1492 بدأت الشعوب في قارة
أوروبا تحس بزوال العدو المشترك الذي جمعوا انفسهم ضده وضرورة تكوين كيانات قومية
تعتبر أوطانا لهم في ما سمي لاحقا في الأدبيات الأوروبية بـ(عصر النهضة) الذي لم يكن سوى
"عصر التشكل" وهو الاسم الحقيقي لما حدث حيث لم يتميز ذلك العصر بنهضة
ثقافية كما يوحي الاسم وإنما تميز بتشكل كيانات سياسية ذات طابع قومي، فبعد قيام
تلك الشعوب بإسقاط منارة العلم في العالم غرناطة والتي كانت آخر معاقل الأندلس
قاموا بالهجوم على المغرب العربي لشله فاتجهت سفنهم نحو الجزيرة العربية لتبدأ
عملية السيطرة البرتغالية التي تهدف إلى كسر
التجارة العربية في تلك المنطقة
-وكان العرب منذ أيام
الأنباط حتى العصور الوسطى احتفاظهم بأسرار منشأ السلعة.،
واستعملوا فيها أعمال القرصنة وتدمير السفن العربية التي لم تكن تحمل
المدافع والأسلحة لأن الأمن كان يعم منطقة المحيط الهندي الذي تسيطر عليه الثقافة
الإسلامية في أوج قوتها يقول قطب الدين النهروالي: «وقع في أول القرن العاشر
للهجرة من الحوادث الفوادح النوادر، دخول الفرتقال اللعين من طائفة الفرنج الملاعين إلى ديار
الهند "..." ثم اخذوا هرمز وتقووا هنالك، وصار المدد يترادف عليهم من
البرتغال، فصاروا يقطعون الطريق على المسلمين اسرا ونهبا، ويأخذون كل سفينة غصبا،
إلى ان كثر ضررهم على المسلمين وعم اذاهم المسافرين، حيث
أسفر ذلك عن تعطيل تام للتجارة مما أدى إلى إفلاس التجار وذهاب رؤوس الأموال مما
خلف ثغرة اقتصادية هائلة كانت هي السبب المباشر لنهاية العصر الذهبي للإسلام وتلك الفترة تمثلت في
تحولات ثقافية اجتماعية سياسية، انخفض مستوى المعيشة بشكل عام من المستوى الفخم
المتقن الذي تعودوا عليه إلى المستويات الأساسية فقط فمثلا تجردت ملابس العرب من
الزخارف والتوشية والتطريز التي تعودوا عليه واكتفى عامة الشعب بعد ذلك باللباس
الأساسي البسيط وهذا ينطبق على مجال العمارة وصناعة السفن والتعليم، وتلك الثغرة
الاقتصادية لم تسد إلا في القرن العشرين بعد النهضة العربية، وكان التدخل الفرنجي
قد أحدث منذ بدايته في القرن العاشر الهجري، دمارا كارثيا أسفر عن تغيرات عدة
للعالم العربي في شتى نواحي الحياة:
- الناحية الثقافية: لم يعد بالإمكان استمرار التعليم المتقدم في "المدارس" أدى إلى إغلاقها والاكتفاء بـ"الكتاتيب" الأرخص ثمنا، مما أدى بالتالي إلى شحة الإبداع العلمي وقلة التواصل العلمي والأدبي وهو السبب الأساسي في ظهور اللهجات المحلية في الدول العربية، وصار محصورا بشكل عام في بعض المراكز ذات البعد الروحي بشكل أساسي كـ"الجامع الأزهر" لأهل السنة، والحوزة للشيعة.
- الناحية الاجتماعية:انتشرت في بعض الدول ثقافات هي ناتج مباشر لشحة الاقتصاد مثل تمجيد السلب والنهب واعتبارها ضربا من ضروب الشجاعة في بعض المناطق من العالم العربي، ونشأت هنا بعض القيم التي أورثتهم اياها الظروف حتى ترسخت هذه القيم الغربية وتختلف تلك القيم من منطقة إلى أخرى بحسب الظروف المحلية.
- المستوى الأمني: تدهور الوضع الأمني بحيث تضطر بعض القبائل إلى الإغارة والسلب في سبيل توفير لقمة العيش والاستمرار ومع مرور الوقت أصبحت تلك الحاجة ثقافة اجتماعية في بعض الدول.
- السياسية:نتج ضعف عسكري نوعي في الدول العربية وإن كان الأوروبيون لم يتمكنوا من إخضاع المنطقة نظرا للمقاومة الشديدة من أهلها وكانت الحالة ما بين شد وجذب واشتد العمليات المضادة للأوروبيين خصوصا بيد اسطول اليعاربة والأسطول الجزائري وعموما انتهت المنافسة العسكرية أخيرا لصالح الغرب بالاستعمار الأوروبي للبلدان العربية.واستمر التسلط الأوروبي حتى الحرب العالمية الثانية التي أنهكت قواهم بها ولم يعودوا قادرين على الاحتفاظ بممتلكات واسعة حول العالم.
الفترة الثانية
ميناء المخا عام 1692.
وهي بعد دخول الفرنجة
والذين باتوا يعرفون بالاوروبيين في بداية القرن 10هـ/16م ومنافستهم
المدعومة عسكريا للتجارة العربية، وفي هذه المرحلة انكمشت المنتجات المصنوعة في
الوطن العربي وباتت المنتجات الفاخرة ذائعة الصيت المنتجة محليا كالـ"سجاد
الفاخر، والملابس الحريرية المطرزة والمعاطف الجلدية المتقنة" حكرا للأثرياء
و"الفئة الأميرية" دون عامة الشعب الذي اكتفى بمنتجات رخيصة أقل حرفية
واتقانا مما تعودوه وباتت تلك المنتجات تعرف بـ"المنتجات الشعبية"
مقابلا للـ"منتجات الأميرية" المتقنة الباهظة حيث كان الصناع المهرة
يلتفون حول الأمراء والأغنياء لخدمتهم ولذلك لم تعد المنتجات الفاخرة مخصصة
للتصدير لذلك اكتفت الصادرات الخارجة من الوطن العربي بما يمكنها تصديره بشكل مجدي
اقتصاديا فتوقفت صادرات الصناعة المتقدمة المعهودة عنهم "كأدوات الرؤية من
نظارات ومناظير والأدوات الجراحية والساعات والأقلام وكذلك المصنوعات الفنية
المختلفة" فأصبحوا يصدرون بدلا عنها المنتجات ذات المردود الاقتصادي المضمون
وهي الأغذية بالدرجة الأولى مثل الحبوب والتمور المنتجة محليا وكم أقل من من بعض المنتجات
المصنوعة محليا كالمصنوعات الخشبية والذهبية والمواد المغير مصنعة كاللؤلؤ
والأحجار الكريمة، وإن كان التوسط التجاري بين أقطار المحيط لايقل ربحا عن مجرد
التصدير من بلادهم الأصلية فلم يهمله التجار العرب. والسبب المباشر في ذلك هو
الاستنزاف المتبادل بين الأوروبيين والعرب والذي انهكهما معا في هذه المرحلة والذي
كان بشكل عام لصالح الأوروبيين حيث فقد العرب كثيرا مما لهم وملك للأوروبيين مالم
يكن يوما لهم، وكان ميزان القوى متساويا منذ البداية الأمر ذلك حتى تضعضع أمر
الدولة العثمانية في أواخر القرن التاسع عشر فازدادت الأطماع الأوروبية وتجرأوا
على نشب أنيابهم ببعض المناطق بالسيطرة العسكرية عليها سواءا بالهجوم العلني أو
تحت مسمى الحماية المفروض على الكيانات الأخرى تحت ضغوط كبيرة، ولما حتى سقطت
الدولة العثمانية أخيرا في أثناء الحرب العالمية الأولى عوى عصر السيطرة
الاستعمار
الفترة الثالثة
وهي فترة النهضة
العربية في القرن العشرين والتحول السياسي بعد سقوط الدولة العثمانية وزوال فترة
الاستعمار الأوروبي على الرغم من أنهم قبل أندحاره -بسبب قيام الحرب العالمية الثانية من جهة والمقاومة
الشعبية ضمن حركة الوعي العربي من جهة أخرى- فإنهم زرعوا بؤرة صراع بإصطناعهم
إسرائيل ومده بحبل منهم ليستمروا في احتلال فلسطين، وفيما عدى ذلك فإن التجارة
العربية استعادت بعضا من عافيتها وأصبحت تتحكم بخطوط التجارة خصوصا بعد فتح قناة
السويس فأصبحت الدول العربية تتحكم بالإضافة للسويس بمضيقين أساسيين للتجارة
الدولية هما مضيق باب المندب ومضيق هرمز الحيوي لإمدادات
النفط العالمية، وأسترجعت بعض عافيتها القديمة بوجود أسواق الوساطة التجارية في دبي على الخصوص فرجعت
مركزا اقتصاديا عالميا من تلك النقطة، والدول العربية تنظم حركة التجارة فيما
بينها ثنائيا كما ان هناك منظمات للتجارة العربية منها منطقة التجارة العربية الحرة الكبرى وتبلغ قيمة التجارة
العربية البينية 40 مليار دولار، والتبادل التجاري الخارجي والاستثمارات الخارجية
تقدر بأضعاف كثيرة لهذا العدد
التجارة البحرية
امتدت التجارة
البحرية إلى جاوة وأندونيسيا والصين وشرق أفريقيا وغربها.
التجارة البرية
كانت التجارة البرية
تمتد حتى وقت قريب إلى القوقاز.
البضائع
كانت البضائع تخزن في
مخازن خاصة في الميناء بحسب نوعها منها: "دار الأرز"، "دار الحرير"، "دار السكر"، "دار الخل"، "دار اللوز"، "دار المات
(السجاد)"، "دار الزبيب"، "دار الكتان"، "دار الزعفران"،
دار "الجوهر"،
وتشتمل على السجاد العربي والملابس الناعمة
والحريرية الفاخرة والمصنوعات الخشبية والعاجية والخيول العربية والمواد الفنية
المصنعة.
أحكام التجارة
ينبغي للمكلف أن يتعلم أحكام التجارة التي يتعاطاها . بل يجب عليه ذلك إذا كان في معرض الوقوع في مخالفة تكليف إلزامي بسبب ترك التعلم ، وفي المروي عن الصادق عليه السلام : ( من أراد التجارة فليتفقه في دينه ليعلم بذلك ما يحل له مما يحرم عليه ، و من لم يتفقه في دينه ثم اتجر تورط في الشبهات
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق
تعليقات ذات فائدة علمية